منحنى كوبوك، أدوات التحليل الفني (مؤشرات، مذبذبات، مسرعات) مقالات دراسية
مقدمة إلى عالم التحليل الفني
مرحبًا بك أيها المبتدئ في عالم التحليل الفني! إذا كنت قد بدأت للتو رحلتك في فهم الأسواق المالية، فإن التحليل الفني هو أحد الأدوات الأساسية التي ستحتاج إليها. ببساطة، التحليل الفني هو دراسة سلوك السوق في الماضي من أجل التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية للأسعار. يعتمد المحللون الفنيون على الرسوم البيانية للأسعار وأدوات مختلفة لفهم العرض والطلب، وتحديد نقاط الدخول والخروج المحتملة.
لماذا نستخدم التحليل الفني؟ لأنه يساعدنا على فهم نفسية المشاركين في السوق. الأسعار لا تتحرك بشكل عشوائي تمامًا؛ بل تتأثر بمشاعر الخوف والطمع، والتي غالبًا ما تظهر في أنماط متكررة على الرسوم البيانية. من خلال دراسة هذه الأنماط واستخدام المؤشرات، يمكننا الحصول على رؤى قيمة قد لا تكون واضحة للمتداولين غير المدربين.
المؤشرات الفنية: لمحة عامة
المؤشرات الفنية هي حسابات رياضية تستند إلى بيانات تاريخية للأسعار (مثل أسعار الإغلاق، الفتح، الأعلى، الأدنى) و/أو حجم التداول. يتم عرض هذه المؤشرات عادةً أسفل أو فوق الرسم البياني للأسعار وتساعد المتداولين على فهم الظروف الحالية للسوق، مثل الزخم والتقلبات وتحديد مستويات ذروة الشراء أو ذروة البيع. يمكن تقسيم المؤشرات إلى عدة فئات رئيسية، منها:
- مؤشرات الاتجاه (Trend Indicators): تساعد في تحديد اتجاه السوق، مثل المتوسطات المتحركة (Moving Averages).
- مؤشرات الزخم (Momentum Indicators): تقيس سرعة وقوة تحرك السعر، مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) ومؤشر الماكد (MACD).
- مؤشرات التقلب (Volatility Indicators): تقيس مدى تذبذب السعر، مثل نطاقات بولينجر (Bollinger Bands).
- مؤشرات الحجم (Volume Indicators): تقيس كمية تداول الأصول، وتساعد في تأكيد قوة الاتجاه.
تُعد المذبذبات (Oscillators) فئة فرعية هامة من مؤشرات الزخم. وهي تتحرك عادةً ضمن نطاق محدد (مثل 0 إلى 100) وتستخدم لتحديد ما إذا كان الأصل في منطقة ذروة شراء (قد يكون مستحقًا للتصحيح الهبوطي) أو ذروة بيع (قد يكون مستحقًا للارتداد الصعودي). سنتعمق في أحد هذه المذبذبات، وهو مؤشر منحنى كوبوك (Coppock Curve).
ما هو مؤشر كوبوك (Coppock Curve)؟
مؤشر كوبوك هو مذبذب زخم طويل الأجل تم تطويره بواسطة إدوين كوبوك ونشر لأول مرة في مجلة "Barron's" في عام 1962. تم تصميم هذا المؤشر في الأصل لتحديد نقاط الشراء في مؤشرات الأسهم، وقد أثبت فعاليته في إعطاء إشارات شراء موثوقة في الأسواق الهابطة. يُعرف المؤشر أيضًا باسم "المؤشر الدائم للشراء" (The Perpetual Buying Opportunity Indicator) لأنه غالبًا ما يشير إلى قاع السوق الذي يسبق الارتفاع.
الفكرة الأساسية وراء مؤشر كوبوك هي أنه عندما يكون السوق في اتجاه هابط طويل الأجل، فإن الانتعاش في الزخم غالبًا ما يسبق الانتعاش الفعلي في الأسعار. يستخدم المؤشر معدلات التغير (Rate of Change) الموزونة والمتوسطات المتحركة الأسية (Exponential Moving Averages) لتحديد هذه اللحظات الحرجة.
كيف يعمل مؤشر كوبوك؟
يعتمد منحنى كوبوك على قياس معدلات التغير (ROC) للسعر على فترتين زمنيتين مختلفتين، ثم تطبيق متوسط متحرك مرجح (WMA) على مجموع هذه المعدلات. عادةً ما تكون الفترات الزمنية المستخدمة هي 14 و 11 فترة (عادةً شهور)، ثم يتم تسويتها بمتوسط متحرك أسي لـ 10 فترات. المعادلة الرياضية تبدو معقدة قليلاً للمبتدئين، ولكن يمكن تلخيصها كالتالي:
منحنى كوبوك = المتوسط المتحرك الأسي لـ (10 فترات) من (معدل التغير لـ 14 فترة + معدل التغير لـ 11 فترة)
حيث أن:
- معدل التغير (ROC): يقيس النسبة المئوية للتغير في السعر على مدى فترة معينة. على سبيل المثال، ROC(14) يقارن السعر الحالي بالسعر قبل 14 فترة.
- المتوسط المتحرك الأسي (EMA): هو نوع من المتوسطات المتحركة يعطي وزنًا أكبر لبيانات الأسعار الأحدث، مما يجعله أكثر استجابة لتغيرات الأسعار الحديثة مقارنة بالمتوسط المتحرك البسيط.
الجمع بين فترتين مختلفتين لمعدل التغير يساعد المؤشر على التقاط الزخم قصير وطويل الأجل، بينما يعمل المتوسط المتحرك الأسي على تسوية البيانات لتقليل التقلبات وإعطاء إشارات أكثر سلاسة.
مكونات مؤشر كوبوك بالتفصيل
لنفهم المؤشر بشكل أعمق، دعنا نحلل مكوناته:
-
معدل التغير (Rate of Change - ROC):
مؤشر ROC يقيس نسبة التغير في السعر بين الفترة الحالية وفترة سابقة محددة. على سبيل المثال، إذا كان السعر الحالي 110 والسعر قبل 10 فترات 100، فإن ROC سيكون 10% ( (110-100)/100 * 100 ). مؤشر ROC يرتفع عندما ترتفع الأسعار وينخفض عندما تنخفض. يستخدم منحنى كوبوك فترات ROC مختلفة (عادة 14 و 11) لالتقاط زخم السوق على آفاق زمنية متعددة.
-
المتوسط المتحرك الأسي (Exponential Moving Average - EMA):
بعد حساب مجموع قيم ROC (14) و ROC (11)، يتم تطبيق متوسط متحرك أسي (عادة 10 فترات) على هذا المجموع. يعمل المتوسط المتحرك الأسي على تنعيم خط المؤشر وتقليل "الضوضاء" في إشارات الزخم. كما أنه يمنح وزنًا أكبر للبيانات الحديثة، مما يجعله أكثر استجابة لآخر تحركات الأسعار من المتوسطات المتحركة البسيطة. هذا التنعيم ضروري لجعل المؤشر أكثر موثوقية في توليد إشارات التداول.
تتأرجح قيمة مؤشر كوبوك حول خط الصفر. عندما يكون المؤشر فوق الصفر، فهذا يشير إلى زخم صعودي، وعندما يكون تحت الصفر، فهذا يشير إلى زخم هبوطي.
تفسير إشارات مؤشر كوبوك
بشكل عام، يعطي مؤشر كوبوك إشارات واضحة:
- إشارة الشراء: تتولد إشارة الشراء عندما يعبر منحنى كوبوك فوق خط الصفر من الأسفل. غالبًا ما يحدث هذا بعد فترة طويلة من الاتجاه الهابط ويشير إلى أن الزخم السلبي يتباطأ ويبدأ الزخم الإيجابي في الظهور. يرى بعض المتداولين أن الإشارة تكون أقوى عندما يعبر المؤشر خط الصفر بعد أن يكون قد وصل إلى مستويات سلبية للغاية.
- إشارة البيع: تتولد إشارة البيع عندما يعبر منحنى كوبوك تحت خط الصفر من الأعلى. يشير هذا إلى أن الزخم الصعودي يتباطأ ويبدأ الزخم السلبي في السيطرة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن إشارات البيع من منحنى كوبوك غالبًا ما تكون أقل موثوقية من إشارات الشراء، حيث أنه مصمم بشكل أساسي لتحديد قيعان السوق.
- التباعد (Divergence): يمكن أيضًا استخدام التباعد بين حركة السعر ومنحنى كوبوك. على سبيل المثال، إذا كان السعر يسجل قيعانًا أدنى بينما يسجل منحنى كوبوك قيعانًا أعلى (تباعد إيجابي)، فهذا قد يشير إلى انعكاس صعودي وشيك. والعكس صحيح بالنسبة للتباعد السلبي.
من المهم دائمًا استخدام مؤشر كوبوك بالاقتران مع أدوات تحليل فني أخرى، مثل تحليل أنماط الشموع اليابانية أو مستويات الدعم والمقاومة، للحصول على تأكيد للإشارات.
المذبذبات (Oscillators) الأخرى
بجانب منحنى كوبوك، هناك العديد من المذبذبات الأخرى الشائعة التي يستخدمها المتداولون:
- مؤشر القوة النسبية (RSI): يقيس سرعة وتغير حركات الأسعار. يتأرجح بين 0 و 100، وتشير قراءات فوق 70 إلى ذروة الشراء وتحت 30 إلى ذروة البيع.
- مؤشر تقارب وتباعد المتوسطات المتحركة (MACD): يتكون من خطين (خط MACD وخط الإشارة) ومدرج تكراري (Histogram). يُستخدم لتحديد الاتجاه وقوة الزخم وانعكاساته.
- المذبذب العشوائي (Stochastic Oscillator): يقارن سعر إغلاق معين بنطاق أسعاره على مدى فترة زمنية. يشبه RSI في تحديد مناطق ذروة الشراء والبيع.
- المسرعات (Accelerators): على الرغم من أنها ليست فئة مؤشرات منفصلة بالمعنى الدقيق للكلمة مثل المؤشرات والمذبذبات، إلا أن مصطلح "المسرعات" يمكن أن يشير إلى المؤشرات التي تقيس "سرعة السرعة" (أي تسارع أو تباطؤ الزخم). على سبيل المثال، مؤشر Acceleration/Deceleration (AC) الذي طوره بيل ويليامز يركز على هذه الفكرة، وهو يقيس التسارع في القوة الشرائية أو البيعية. هذه المؤشرات غالبًا ما تكون مفيدة للمتداولين الذين يبحثون عن تغيرات مبكرة في الزخم قبل أن تنعكس في حركة الأسعار الفعلية.
كل من هذه المذبذبات له نقاط قوة وضعف، واختيار المذبذب المناسب يعتمد على أسلوب المتداول والسوق الذي يتم تداوله.
نصائح للمبتدئين عند استخدام المؤشرات الفنية
- لا تعتمد على مؤشر واحد فقط: استخدم عدة مؤشرات متكاملة لتأكيد الإشارات. على سبيل المثال، يمكنك استخدام منحنى كوبوك مع مؤشر RSI أو MACD.
- افهم المؤشر: لا تستخدم مؤشرًا لا تفهم كيفية عمله. اقضِ وقتًا في دراسة كيفية حسابه وماذا تعني إشاراته.
- التدريب على البيانات التاريخية (Backtesting): جرب المؤشر على بيانات تاريخية لترى مدى فعاليته في توليد إشارات مربحة في الماضي. هذا لا يضمن النجاح في المستقبل، ولكنه يعطيك فكرة عن أدائه.
- ابدأ بحساب تجريبي: لا تخاطر بأموال حقيقية حتى تكون واثقًا من فهمك واستراتيجيتك.
- كن على دراية بحدود المؤشرات: لا يوجد مؤشر مثالي. كلها أدوات إحصائية تعتمد على البيانات الماضية وقد تعطي إشارات خاطئة، خاصة في الأسواق المتقلبة أو الجانبية.
الخلاصة
منحنى كوبوك هو أداة قوية بشكل خاص لتحديد قيعان السوق المحتملة ونقاط الشراء في الأسواق الهابطة. كونه مذبذب زخم طويل الأجل، فإنه يوفر إشارات يمكن أن تكون مفيدة جدًا للمستثمرين والمتداولين الذين يبحثون عن فرص استثمارية ذات قيمة. تذكر دائمًا أن التحليل الفني هو فن وعلم، ويتطلب الممارسة المستمرة والصبر. من خلال فهم المؤشرات المختلفة وكيفية عملها، يمكنك بناء أساس قوي لرحلتك في الأسواق المالية.
لزيارة موقع ويب قد يكون محل اهتمامك، انقر هنا.
نود أن نسمع ملاحظاتكم.
يرجى استخدام نموذج الاتصال الخاص بنا
إذا رأيت شيئًا غير صحيح.