المتوسط المتحرك الأسي المزدوج (DEMA)، أدوات التحليل الفني (المؤشرات، المذبذبات، المسرعات) مقالات دراسية
التحليل الفني هو حجر الزاوية للمتداولين والمستثمرين الذين يسعون إلى فهم وتوقع تحركات أسعار الأصول المالية مثل الأسهم والعملات الأجنبية والسلع. بدلاً من التركيز على القيمة الجوهرية للشركة أو العوامل الاقتصادية الكلية، يدرس التحليل الفني الرسوم البيانية للأسعار والأنماط التاريخية ومؤشرات الحجم لتحديد الاتجاهات ونقاط الدخول والخروج المحتملة. أحد المؤشرات الأكثر شيوعًا وفعالية في ترسانة المحلل الفني هو المتوسط المتحرك. المتوسطات المتحركة هي أدوات إحصائية تعمل على تنعيم بيانات الأسعار خلال فترة زمنية محددة، مما يسهل تحديد الاتجاهات وإزالة "ضوضاء" التقلبات اليومية للأسوق. ومع ذلك، فإن جميع المتوسطات المتحركة، بحكم طبيعتها، تعاني من مشكلة أساسية: التأخر. بمعنى أنها تتفاعل مع تحركات الأسعار بعد حدوثها بالفعل. لمواجهة هذا التحدي، تم تطوير إصدارات أكثر تقدمًا، ومن بينها يبرز المتوسط المتحرك الأسي المزدوج (DEMA) كأداة قوية تسعى إلى تقليل هذا التأخر بشكل كبير، مما يوفر إشارات تداول أسرع وأكثر استجابة. في هذه المقالة، سنغوص في عالم DEMA، ونشرح مبادئه، وكيف يختلف عن المتوسطات المتحركة الأخرى، ونستكشف كيفية استخدامه بفعالية في استراتيجيات التداول المختلفة، مع لمحة عن أدوات التحليل الفني الأخرى.
ما هي المتوسطات المتحركة؟
لفهم DEMA، يجب أن نبدأ بالأساسيات. المتوسط المتحرك هو متوسط سعر الأصل خلال فترة زمنية محددة. أبسط شكل هو المتوسط المتحرك البسيط (SMA)، الذي يحسب متوسط أسعار الإغلاق لمجموعة من الشموع أو الأيام. على سبيل المثال، المتوسط المتحرك البسيط لمدة 10 أيام يضيف أسعار إغلاق الأيام العشرة الماضية ويقسمها على 10. يتم رسم هذه النقطة على الرسم البياني، ومع كل يوم جديد، تسقط أقدم نقطة سعر ويتم إضافة أحدثها. تكمن فائدة SMA في قدرته على تنعيم تقلبات الأسعار وإظهار الاتجاه الأساسي بشكل أوضح.
ولكن هناك نوع آخر أكثر شيوعًا وهو المتوسط المتحرك الأسي (EMA). على عكس SMA، يمنح EMA وزنًا أكبر لبيانات الأسعار الأحدث. وهذا يعني أنه يستجيب لتغيرات الأسعار بشكل أسرع من SMA. يعتبر EMA مفضلاً لدى العديد من المتداولين لأنه يعكس الظروف الحالية للسوق بشكل أفضل مع الاستمرار في تنعيم البيانات. ومع ذلك، حتى EMA، على الرغم من سرعته، لا يزال يعاني من تأخر ملحوظ، مما قد يؤدي إلى تفويت جزء من حركة السعر أو الدخول والخروج متأخرًا.
لماذا DEMA؟ مشكلة التأخر
التأخر هو التحدي الأكبر لأي مؤشر يعتمد على البيانات التاريخية. عندما يظهر المتوسط المتحرك إشارة شراء أو بيع، تكون حركة السعر قد بدأت بالفعل أو تقدمت إلى حد ما. في الأسواق سريعة الحركة، يمكن أن يؤدي هذا التأخر إلى خسارة الفرص أو تكبد خسائر أكبر. على سبيل المثال، إذا أعطى المتوسط المتحرك إشارة بيع بعد انخفاض كبير في السعر، فقد تكون قد فاتتك أفضل نقطة للخروج، وقد يكون معظم الضرر قد وقع بالفعل. الهدف من تطوير مؤشرات مثل DEMA هو تقليل هذا التأخر قدر الإمكان مع الحفاظ على نعومة المؤشر وتجنب الإشارات الخاطئة. أراد المتداولون الحصول على متوسط متحرك يستجيب بسرعة لتغيرات الأسعار دون أن يكون متقلبًا للغاية، مما يوفر رؤية أوضح للاتجاه الحالي.
كيف يعمل DEMA (مبسط)
تم تقديم المتوسط المتحرك الأسي المزدوج (DEMA) بواسطة باتريك مولوي في عام 1994 بهدف تقليل التأخر المرتبط بالمتوسطات المتحركة الأسية التقليدية. كما يوحي اسمه، فإن DEMA لا يستخدم متوسطًا أسيًا واحدًا، بل يستخدم اثنين. صيغته معقدة بعض الشيء، ولكن يمكن تبسيط الفكرة الأساسية كالتالي: يأخذ DEMA المتوسط المتحرك الأسي الأول للسعر، ثم يأخذ متوسطًا أسيًا ثانيًا لهذا المتوسط الأسي الأول. ثم يقوم بطرح المتوسط الأسي الثاني من ضعف المتوسط الأسي الأول. هذا التلاعب الرياضي المعقد يسمح لـ DEMA بالتفاعل مع تغيرات الأسعار بسرعة أكبر بكثير من EMA التقليدي بنفس الفترة. الفكرة هي "تسريع" الاستجابة عن طريق إزالة جزء من التأخر المتأصل في EMA البسيط. والنتيجة هي متوسط متحرك أكثر سلاسة واستجابة، يمكنه التقاط انعكاسات الاتجاه في وقت مبكر. يمكن للمتداولين استخدام DEMA بنفس الطريقة التي يستخدمون بها المتوسطات المتحركة الأخرى، ولكن مع ميزة إضافية تتمثل في الاستجابة المحسنة.
فوائد استخدام DEMA
يتمتع DEMA بالعديد من المزايا التي تجعله أداة جذابة للمتداولين:
- تقليل التأخر: هذه هي الفائدة الأساسية. يستجيب DEMA لتغيرات الأسعار بشكل أسرع بكثير من المتوسط المتحرك الأسي العادي، مما يسمح للمتداولين بالدخول والخروج من الصفقات في وقت أبكر وأكثر كفاءة. هذا يمكن أن يؤدي إلى التقاط جزء أكبر من حركة السعر وتحسين توقيت الصفقات.
- مؤشر أكثر سلاسة: على الرغم من استجابته السريعة، فإن DEMA لا يزال مؤشرًا ناعمًا نسبيًا. هذا يعني أنه يقلل من "ضوضاء" السوق التي قد تسببها تقلبات الأسعار القصيرة الأجل، مما يسهل تحديد الاتجاهات الأساسية. تتيح هذه السلاسة للمتداولين التركيز على الصورة الأكبر بدلاً من الانشغال بالتحركات العشوائية الصغيرة.
- تحديد الاتجاه المبكر: بسبب تقليل التأخر، يمكن لـ DEMA أن يساعد في تحديد انعكاسات الاتجاه أو بدايات اتجاهات جديدة في وقت أبكر مما تفعله المتوسطات المتحركة الأخرى. وهذا يمنح المتداولين ميزة في الاستفادة من التحولات في معنويات السوق.
- متعدد الاستخدامات: يمكن استخدام DEMA عبر مجموعة واسعة من الأطر الزمنية وأنواع الأصول، من التداول اليومي للأسهم إلى التحليل طويل الأجل للعملات الأجنبية أو السلع. يمكن تعديل فترة DEMA (على سبيل المثال، DEMA لمدة 20 يومًا أو 50 يومًا) لتناسب تفضيلات المتداول واستراتيجياته.
هذه الفوائد تجعل DEMA أداة قوية بشكل خاص للمتداولين الذين يحتاجون إلى استجابة سريعة ودقيقة من مؤشراتهم.
قيود المتوسط المتحرك الأسي المزدوج (DEMA)
على الرغم من مزاياه، لا يخلو DEMA من القيود التي يجب على المتداولين أن يكونوا على دراية بها:
- لا يزال مؤشرًا متأخرًا: على الرغم من أنه يقلل التأخر بشكل كبير مقارنةً بـ EMA أو SMA، إلا أن DEMA لا يزال مؤشرًا يعتمد على البيانات التاريخية، وبالتالي فهو يتأخر عن السعر. لا يمكن لأي متوسط متحرك التنبؤ بالمستقبل، وDEMA ليس استثناءً. سيظل يتحرك بعد حركة السعر.
- إشارات خاطئة في الأسواق الجانبية/المتقلبة: في الأسواق التي تتحرك بشكل جانبي (بدون اتجاه واضح) أو التي تشهد تقلبات عالية (ضوضاء سوقية كبيرة)، قد يولد DEMA إشارات خاطئة أكثر من اللازم. استجابته السريعة يمكن أن تجعله يتفاعل مع التحركات القصيرة الأجل التي لا تشير إلى اتجاه حقيقي، مما يؤدي إلى صفقات غير مربحة.
- التعقيد: بالنسبة للمتداولين الجدد، قد تبدو صيغة DEMA المعقدة أكثر إرباكًا من المتوسطات المتحركة البسيطة. على الرغم من أن معظم منصات التداول تحسبه تلقائيًا، إلا أن فهم المبدأ الأساسي ضروري لتفسير إشاراته بشكل صحيح.
- الحاجة إلى التأكيد: مثل أي مؤشر فني، يجب عدم استخدام DEMA بمعزل عن غيره. للحصول على أفضل النتائج وتقليل الإشارات الخاطئة، يجب تأكيد إشارات DEMA بمؤشرات أخرى (مثل مؤشرات الحجم، أو مؤشرات التذبذب، أو أنماط الشموع) أو التحليل الأساسي. الاعتماد فقط على DEMA يمكن أن يكون محفوفًا بالمخاطر.
من خلال فهم هذه القيود، يمكن للمتداولين استخدام DEMA بشكل أكثر حكمة ودمجه في استراتيجية تداول شاملة.
استخدام DEMA في التداول
يمكن استخدام DEMA في التداول بعدة طرق، تمامًا مثل المتوسطات المتحركة الأخرى، ولكن مع ميزة الاستجابة السريعة:
- تحديد الاتجاه: إذا كان السعر يتحرك فوق DEMA، فهذا يشير عمومًا إلى اتجاه صعودي. إذا كان السعر يتحرك أسفل DEMA، فهذا يشير إلى اتجاه هبوطي. يمكن أن يساعد DEMA في تأكيد هذه الاتجاهات بشكل أسرع. غالبًا ما يستخدم المتداولون DEMA طويل الأجل (مثل DEMA لمدة 50 أو 100 فترة) لتحديد الاتجاه الرئيسي.
- إشارات التقاطع: يمكن استخدام DEMA بمفرده أو مع DEMA آخر بفترة زمنية مختلفة (على سبيل المثال، DEMA لمدة 10 فترات مع DEMA لمدة 20 فترة) لتوليد إشارات شراء وبيع.
- إشارة شراء: عندما يعبر DEMA قصير الأجل فوق DEMA طويل الأجل، فهذه إشارة صعودية محتملة للشراء.
- إشارة بيع: عندما يعبر DEMA قصير الأجل أسفل DEMA طويل الأجل، فهذه إشارة هبوطية محتملة للبيع.
- الدعم والمقاومة الديناميكية: يمكن أن يعمل DEMA كخط دعم أو مقاومة ديناميكي. في الاتجاه الصعودي، قد يرتد السعر من DEMA. في الاتجاه الهبوطي، قد يجد السعر مقاومة عند DEMA. يمكن للمتداولين استخدام هذه الارتدادات كنقاط دخول أو خروج محتملة.
- التأكيد: يمكن استخدام DEMA لتأكيد الإشارات التي تولدها مؤشرات أخرى أو أنماط الشموع. على سبيل المثال، إذا رأيت نمط شموع صعودي عند خط دعم، وتأكد DEMA أيضًا من خلال عبوره فوق السعر، فهذا يزيد من قوة الإشارة.
تذكر دائمًا أن تدمج DEMA مع أدوات تحليل أخرى لتعزيز دقة إشاراتك.
أدوات التحليل الفني الأخرى
التحليل الفني لا يقتصر على المتوسطات المتحركة وحدها. هناك العديد من الأدوات والمؤشرات التي يمكن للمتداولين استخدامها لتعزيز فهمهم للسوق:
- المؤشرات (Indicators): هذه أدوات إحصائية يتم حسابها بناءً على السعر والحجم وبيانات السوق الأخرى. على سبيل المثال:
- متوسط التقارب/التباعد المتحرك (MACD): يقارن العلاقة بين متوسطين متحركين أسيين لإظهار قوة الاتجاه واتجاهه والتغير في الزخم.
- بولينجر باندز (Bollinger Bands): تتكون من متوسط متحرك بسيط (SMA) في المنتصف وشريطين علوي وسفلي يمثلان انحرافين معياريين عن الـ SMA. تُستخدم لقياس التقلبات وتحديد مستويات ذروة الشراء والبيع.
- المذبذبات (Oscillators): هي نوع من المؤشرات التي تتأرجح ضمن نطاق معين، وغالبًا ما تستخدم لتحديد ظروف ذروة الشراء وذروة البيع في السوق، مما يشير إلى انعكاسات محتملة.
- مؤشر القوة النسبية (RSI): يقيس سرعة وتغير تحركات الأسعار. يتأرجح بين 0 و100، وتشير قراءات فوق 70 إلى ذروة شراء، بينما تشير قراءات تحت 30 إلى ذروة بيع.
- المذبذب العشوائي (Stochastic Oscillator): يقارن سعر إغلاق معين بنطاق أسعاره خلال فترة زمنية معينة. يستخدم أيضًا لتحديد ظروف ذروة الشراء والبيع وانعكاسات الاتجاه.
- المسرعات (Accelerators): هذه المؤشرات تركز على معدل تغير الزخم، وليس فقط الزخم نفسه، لتحديد متى يتزايد أو يتناقص الزخم، مما قد يشير إلى تسارع أو تباطؤ في الاتجاه. على الرغم من أنها أقل شيوعًا من المؤشرات والمذبذبات التقليدية، إلا أنها يمكن أن توفر رؤى إضافية حول قوة حركة السعر.
الجمع بين هذه الأدوات المختلفة يمكن أن يوفر رؤية أكثر شمولاً ودقة للسوق، مما يساعد المتداولين على اتخاذ قرارات مستنيرة.
الخاتمة
في الختام، يمثل المتوسط المتحرك الأسي المزدوج (DEMA) تطورًا مهمًا في عالم المؤشرات الفنية، حيث يقدم حلاً فعالاً لمشكلة التأخر المتأصلة في المتوسطات المتحركة التقليدية. من خلال استخدام تركيب رياضي مبتكر، ينجح DEMA في توفير استجابة أسرع لتغيرات الأسعار مع الحفاظ على درجة مقبولة من السلاسة. هذه الميزة تجعله أداة قيمة للمتداولين الذين يسعون إلى تحديد الاتجاهات ونقاط الدخول والخروج في وقت مبكر، وبالتالي تحسين توقيت صفقاتهم. ومع ذلك، من الضروري تذكر أن DEMA، مثل جميع المؤشرات الفنية، ليس عصا سحرية ولا يزال عرضة للإشارات الخاطئة، خاصة في الأسواق الجانبية أو المتقلبة. لتعظيم فعاليته، يجب دمجه دائمًا مع أدوات تحليل فني أخرى واستراتيجيات إدارة المخاطر. إن فهم DEMA وكيفية تفاعله مع ظروف السوق المختلفة سيمكن المتداولين من استغلال قوته كجزء من نهج شامل للتحليل الفني، مما يقود إلى قرارات تداول أكثر استنارة وربما أكثر ربحية.
للمزيد من المعلومات، يمكنك النقر هنا لزيارة موقع قد يثير اهتمامك.
يسعدنا تلقي ملاحظاتكم.
يرجى استخدام نموذج الاتصال الخاص بنا
إذا رأيت شيئًا غير صحيح.