المتوسط المتحرك، أدوات التحليل الفني (المؤشرات، المذبذبات، المسرعات) مقالات دراسية
مقدمة إلى التحليل الفني
مرحبًا بك في عالم التحليل الفني! إذا كنت جديدًا في الأسواق المالية أو تداول الأصول، فقد تبدو المصطلحات والأدوات المستخدمة معقدة في البداية. التحليل الفني هو منهجية تستخدم لدراسة حركة الأسعار والبيانات التاريخية للسوق، مثل حجم التداول، بهدف التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية للأسعار. إنه يعتمد على فكرة أن كل المعلومات المتاحة للسوق تنعكس بالفعل في سعر الأصل، وأن الأسعار تتحرك في اتجاهات، والتاريخ يميل إلى تكرار نفسه. يركز المحللون الفنيون على الرسوم البيانية للأسعار وأنماطها، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المؤشرات والأدوات التي تساعدهم في اتخاذ قرارات التداول.
بدلاً من التركيز على القيمة الجوهرية للشركة أو الأصول (وهو ما يفعله التحليل الأساسي)، يهتم التحليل الفني بـ "ما يفعله السعر" وكيف يتفاعل المتداولون مع هذا السعر. هذا النهج مفيد بشكل خاص للمتداولين على المدى القصير والمتوسط الذين يسعون للاستفادة من التقلبات اليومية أو الأسبوعية في السوق. لنبدأ بالتعرف على أحد أهم هذه الأدوات وأكثرها شيوعًا: المتوسط المتحرك.
ما هو المتوسط المتحرك؟
المتوسط المتحرك (Moving Average - MA) هو أداة تحليل فني بسيطة وفعالة للغاية، تستخدم لتحديد اتجاه السعر الصافي عن طريق تخفيف التقلبات العشوائية (الضوضاء) التي قد تظهر في الرسوم البيانية. ببساطة، هو متوسط سعر الأصل على مدى فترة زمنية محددة. على سبيل المثال، إذا كنت تستخدم متوسطًا متحركًا لمدة 10 أيام، فسيتم حساب المتوسط لكل 10 أسعار إغلاق متتالية، ويتم تحديثه كل يوم بإسقاط أقدم سعر وإضافة أحدث سعر. وهكذا، "يتحرك" المتوسط مع تطور السعر.
يكمن جمال المتوسطات المتحركة في قدرتها على "تنعيم" حركة السعر، مما يجعل من السهل رؤية الاتجاه الأساسي. عندما يكون السعر فوق المتوسط المتحرك، يُنظر إليه عادةً على أنه اتجاه صعودي. وعندما يكون السعر تحت المتوسط المتحرك، يُنظر إليه على أنه اتجاه هبوطي. يمكن استخدام المتوسطات المتحركة لفترات زمنية مختلفة، مثل 20 يومًا، 50 يومًا، 200 يومًا، أو حتى لفترات أقصر مثل 5 أو 10 أيام، اعتمادًا على الإطار الزمني الذي يتداول فيه المستثمر.
أنواع المتوسطات المتحركة
هناك عدة أنواع من المتوسطات المتحركة، لكل منها طريقة حساب وخصائص مختلفة تؤثر على مدى سرعة استجابته لتغيرات الأسعار:
المتوسط المتحرك البسيط (Simple Moving Average - SMA)
المتوسط المتحرك البسيط هو النوع الأساسي والأكثر شيوعًا. يتم حسابه عن طريق جمع أسعار الإغلاق لعدد معين من الفترات الزمنية وقسمتها على عدد تلك الفترات. على سبيل المثال، المتوسط المتحرك البسيط لـ 10 أيام هو مجموع أسعار إغلاق الأيام العشرة الماضية مقسومًا على 10. هذا النوع يعطي وزنًا متساويًا لكل نقطة سعر ضمن الفترة المحددة. غالبًا ما يستخدم المتوسط المتحرك البسيط لتحديد مستويات الدعم والمقاومة، وكعلامة على اتجاه السوق. عيب SMA هو أنه يمكن أن يكون بطيئًا في الاستجابة لتغيرات الأسعار الأخيرة، حيث يعطي نفس الأهمية للأسعار القديمة مثل الأسعار الجديدة.
المتوسط المتحرك الأسي (Exponential Moving Average - EMA)
على عكس المتوسط المتحرك البسيط، يعطي المتوسط المتحرك الأسي وزنًا أكبر لأسعار الإغلاق الأحدث. هذا يجعله أكثر استجابة لتغيرات الأسعار الحديثة وأكثر ملاءمة للمتداولين الذين يبحثون عن إشارات دخول وخروج أسرع. نظرًا لاستجابته الأسرع، غالبًا ما يفضله المتداولون الذين يركزون على التداول اليومي أو التداول المتأرجح. ومع ذلك، هذه الاستجابة السريعة تعني أيضًا أنه يمكن أن يكون أكثر عرضة للإشارات الخاطئة في الأسواق المتقلبة. غالبًا ما يتم استخدام EMAs مع SMA للمقارنة بين الاتجاهات قصيرة وطويلة الأجل.
كيفية استخدام المتوسطات المتحركة في التداول
تعتبر المتوسطات المتحركة أداة متعددة الاستخدامات في التحليل الفني. إليك بعض الطرق الشائعة لاستخدامها:
تحديد الاتجاه
الطريقة الأساسية والأكثر شيوعًا هي استخدام المتوسط المتحرك لتحديد اتجاه السوق. إذا كانت حركة السعر فوق المتوسط المتحرك، فهذا يشير إلى اتجاه صعودي. إذا كانت حركة السعر تحت المتوسط المتحرك، فهذا يشير إلى اتجاه هبوطي. يمكن استخدام متوسطين متحركين (أحدهما قصير الأجل والآخر طويل الأجل) لتأكيد الاتجاه؛ على سبيل المثال، إذا كان المتوسط المتحرك لـ 50 يومًا فوق المتوسط المتحرك لـ 200 يوم، فهذا غالبًا ما يشير إلى اتجاه صعودي قوي.
إشارات الدخول والخروج (التقاطعات)
يمكن للمتوسطات المتحركة أن تولد إشارات شراء وبيع. إحدى الاستراتيجيات الشائعة هي استخدام تقاطع متوسطين متحركين مختلفين. على سبيل المثال، عندما يقطع متوسط متحرك قصير الأجل (مثل 10 أيام) متوسطًا متحركًا طويل الأجل (مثل 50 يومًا) من الأسفل إلى الأعلى، فهذه "إشارة ذهبية" (Golden Cross) وتشير إلى فرصة شراء محتملة. وعلى العكس، عندما يقطع متوسط متحرك قصير الأجل متوسطًا متحركًا طويل الأجل من الأعلى إلى الأسفل، فهذه "إشارة موت" (Death Cross) وتشير إلى فرصة بيع محتملة.
مستويات الدعم والمقاومة
يمكن أن تعمل المتوسطات المتحركة أيضًا كمستويات ديناميكية للدعم والمقاومة. في الاتجاه الصعودي، غالبًا ما يرتد السعر عن المتوسط المتحرك ويعود للصعود، حيث يعمل المتوسط المتحرك كخط دعم. في الاتجاه الهبوطي، قد يرتد السعر عن المتوسط المتحرك وينخفض مرة أخرى، حيث يعمل كخط مقاومة. هذه المستويات ليست ثابتة مثل خطوط الدعم والمقاومة الأفقية، بل تتغير مع تغير السعر.
أدوات التحليل الفني الأخرى
بالإضافة إلى المتوسطات المتحركة، هناك العديد من الأدوات الأخرى التي يستخدمها المحللون الفنيون لمساعدتهم في اتخاذ قرارات التداول. يمكن تقسيم هذه الأدوات بشكل عام إلى مؤشرات ومذبذبات ومسرعات:
المؤشرات (Indicators)
المؤشرات هي حسابات رياضية تعتمد على بيانات الأسعار والحجم التاريخية. تساعد المؤشرات في تأكيد الاتجاهات، وتحديد نقاط الانعكاس المحتملة، وقياس قوة حركة السعر. بعض المؤشرات الشائعة تشمل مؤشر القوة النسبية (RSI)، الذي يقيس سرعة وتغير حركات الأسعار لتحديد ما إذا كان الأصل في منطقة ذروة الشراء أو ذروة البيع، ومؤشر MACD (تقارب وتباعد المتوسطات المتحركة)، الذي يستخدم المتوسطات المتحركة لتحديد زخم الاتجاه.
المذبذبات (Oscillators)
المذبذبات هي نوع خاص من المؤشرات التي تتأرجح بين قيمتين قصويتين (على سبيل المثال، من 0 إلى 100). وهي مفيدة بشكل خاص في تحديد ظروف ذروة الشراء وذروة البيع، وبالتالي التنبؤ بانعكاسات الأسعار المحتملة. مؤشر القوة النسبية (RSI) ومؤشر ستوكاستيك (Stochastic Oscillator) هما مثالان بارزان على المذبذبات. عندما يصل المذبذب إلى الطرف العلوي من نطاقه، فهذا يشير إلى ذروة شراء، مما قد يعني أن السعر سينخفض قريبًا. وعندما يصل إلى الطرف السفلي، فهذا يشير إلى ذروة بيع، مما قد يعني أن السعر سيرتفع.
المسرعات (Accelerators)
المسرعات، مثل مؤشر التسارع/التباطؤ (Accelerator/Decelerator Oscillator - AC) الذي طوره بيل ويليامز، هي أدوات تقيس التسارع أو التباطؤ في زخم السوق. لا تركز هذه المؤشرات على اتجاه السعر نفسه، بل على التغير في قوة هذا الاتجاه. فهي تحاول التنبؤ بالتغيرات في الزخم قبل أن تؤثر على حركة السعر. إذا كان مؤشر التسارع يتجه صعودًا، فهذا يعني أن الزخم الصعودي يتزايد، والعكس صحيح.
أهمية الجمع بين الأدوات
من المهم جدًا عدم الاعتماد على أداة واحدة فقط عند اتخاذ قرارات التداول. أفضل الممارسات في التحليل الفني تتضمن استخدام مجموعة من الأدوات المختلفة لتأكيد الإشارات. على سبيل المثال، قد تستخدم المتوسطات المتحركة لتحديد الاتجاه العام، ثم تستخدم مؤشر القوة النسبية (RSI) لتأكيد ما إذا كان السوق في منطقة ذروة شراء أو ذروة بيع، وقد تستخدم MACD لتأكيد زخم الاتجاه. هذا النهج المتعدد الأدوات يساعد في تصفية الإشارات الخاطئة ويزيد من احتمالية نجاح صفقاتك.
مخاطر وقيود التحليل الفني
على الرغم من فعاليته، فإن التحليل الفني ليس مضمونًا ولا يخلو من القيود والمخاطر. أولاً، هو علم احتمالات وليس تنبؤًا مؤكدًا؛ لا يوجد نظام تداول يمكنه التنبؤ بالمستقبل بدقة 100%. ثانيًا، يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على أداة واحدة إلى إشارات خاطئة. ثالثًا، قد تعمل بعض الأدوات بشكل أفضل في أنواع معينة من الأسواق (مثل الأسواق ذات الاتجاه) وقد تكون أقل فعالية في الأسواق الجانبية أو المتقلبة. أخيرًا، يمكن أن يتأثر التحليل الفني بالتحيزات المعرفية للمتداول (مثل تأكيد التحيز)، حيث يرى المتداول ما يريد رؤيته في الرسوم البيانية. لذا، يجب دائمًا استخدام التحليل الفني كجزء من استراتيجية تداول شاملة تتضمن إدارة المخاطر المناسبة.
في الختام، تعد المتوسطات المتحركة وأدوات التحليل الفني الأخرى أدوات قوية يمكن أن تساعدك في فهم ديناميكيات السوق واتخاذ قرارات تداول مستنيرة. تذكر دائمًا أن الممارسة والتعلم المستمر هما مفتاح النجاح في هذا المجال المثير.
انقر هنا لزيارة موقع قد يثير اهتمامك.
نحن نحب ملاحظاتك.
يرجى استخدام نموذج الاتصال الخاص بنا
إذا رأيت شيئًا غير صحيح.